
في قلب الدار البيضاء، وتحديدًا عند تقاطع شارعي الزرقطوني وأنفا، تدور فصول قضية عقارية شائكة أصبحت حديث الرأي العام المحلي، وتطرح أسئلة كثيرة حول خلفيات القرار و"الجهات الخفية" التي يُقال إنها تقف خلفه.
المشروع: فندق من 14 طابقًا في قلب العاصمة الاقتصادية
عدنان مقتبل، رجل أعمال مغربي يبلغ من العمر 30 سنة، هو الشخصية الرئيسية في هذه القضية. يُعرف كونه شقيق محمد مقتبل، الحارس الشخصي السابق للملك محمد السادس، وأيضًا رئيس الجامعة الملكية المغربية للكاراتيه.
يملك عدنان عقارًا مسجلاً تحت الرسم العقاري D/2320 بمساحة 551 مترًا مربعًا، في واحد من أغلى المواقع العقارية بالمغرب.
وقد أعلن عن مشروع ضخم يتمثل في بناء فندق من 14 طابقًا بشراكة مع مجموعة أمريكية، وتحديدًا سلسلة الفنادق العالمية "ماريوت"، بعقد يمتد لـ20 سنة. المشروع يشمل أيضًا 3 طوابق تحت الأرض، 114 غرفة، مطعم "روف توب"، ومحلات تجارية.
الترخيص حصل عليه من الوالي... لكن الجماعة تصادق على نزع الملكية!
المفاجأة جاءت مؤخرًا عندما صادق مجلس جماعة الدار البيضاء على قرار نزع الملكية للعقار، وهو ما فجر موجة من التساؤلات والانتقادات.
عدنان مقتبل اعتبر القرار "غير مفهوم"، خاصة أن مشروعه حصل على جميع التراخيص اللازمة سنة 2020، من بينها ترخيص من والي جهة الدار البيضاء - سطات، بعد دراسة تقنية وقانونية دامت ستة أشهر.
هل هناك جهات نافذة تسعى للسيطرة على العقار؟
في تصريحات إعلامية جريئة، لم يتردد مقتبل في اتهام جهات لم يُسمّها بمحاولة الاستحواذ على عقاره، وقال إن هذه الجهات تختبئ وراء شعارات "المنفعة العامة"، دون وجود مبرر حقيقي لنزع الملكية.
وأضاف مقتبل:
"إذا كان الهدف هو مشروع وطني حقيقي مثل التنقيب عن النفط أو إنشاء طريق التيجيفي، فأنا مستعد للتخلي عن العقار. لكن لا يمكن أن نقبل أن يُنتزع منا الاستثمار لصالح مصالح غير معلنة."
جدل قانوني: الملكية الخاصة في مواجهة قرارات الجماعات
القضية فتحت الباب أمام نقاش قانوني عريض:
هل يجوز نزع ملكية عقار حصل صاحبه على ترخيص قانوني؟
هل تستطيع جماعة ترابية إلغاء ترخيص صادر عن والي الجهة؟
وما هي المعايير التي تحدد أن المشروع المقترح لا يخدم المنفعة العامة مقارنة بما قد يُقام بدلًا منه؟
خبراء قانونيون يعتبرون أن نزع الملكية لأسباب غير واضحة قد يضرب مصداقية مناخ الاستثمار، ويؤثر على ثقة المستثمرين، المحليين والأجانب، في المؤسسات.
استثمار ضخم في مهب الريح
مقتبل صرّح أنه اقتنى العقار بـ56 مليون درهم، وأن الكلفة الإجمالية المضمونة للمشروع تفوق 150 مليون درهم. كما أشار إلى أن "ماريوت" لا تتعامل إلا مع مشاريع خضعت لرقابة قانونية ومالية صارمة.
ورغم كل هذا، ما يزال المشروع مهددًا بالإجهاض، ما لم تُكشف الأسباب الحقيقية لنزع الملكية، أو تتم مراجعة القرار بما يراعي حقوق المستثمر دون الإضرار بالمصلحة العامة.
ختامًا: أكثر من نزاع عقاري
قضية عدنان مقتبل ليست مجرد نزاع حول قطعة أرض، بل تكشف عن صراع صامت بين سلطة الاستثمار وسلطة القرار المحلي. كما تعكس معضلة أكبر تتعلق بغياب الشفافية في بعض ملفات نزع الملكية، وحاجة المغرب اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى بيئة تحترم القانون، وتضمن العدالة للمستثمرين، بعيدًا عن الحسابات غير المعلنة.