Partager sur :

المصادر الموثوقة، أحمد دخيسي

إن من أهم ما قد يُهتم به في عملية أخذ المعلومة هو أخذها من جهات عالمة، متخصصة، وموثوقة، وهو ما نفتقده في الشارع العربي.
فالشارع العربي في العموم يأخذ المعلومة ويتأكد منها على حسب درجة القرابة والصحبة، فإذا سألته عن مصدر معلومة ما يقول "قالهالي فلان"، وفلان هذا هو بائع سجائر متنقل علاقته بصاحب المعلومة علاقة صحبة ومن حين لحين يعطيه سيجارة مجانية، وبسبب هذه الالتفاتة أصبح مصدرا موثوقا عند حامل المعلومة، إن الشارع العربي يُوَثِّقُ الأشخاص (أي يجعلهم ثقة) ويجعلهم مصادر موثوقة بناء على نوعية العلاقة بين المتلقي والمُلقي.
المصادر الموثوقة عالميا هي عبارة عن أشخاص علموا ثم بحثوا ثم دققوا، وخلاصة بحثهم وتدقيقهم هي بناء على ما بدا لهم، هي حقائق بالنسبة لهم إذن تبقى حقائق نسبية لكن يؤخذ بها ما لم يثبت ما ينقضها، إذن التسليم بالحقائق المخلوصة من طرف باحثين ليس عمل العقول السوية، لأن البشر مع كل اجتهاداتهم قد يصيبون وقد يخطئون، لذلك التسليم الفوري والتام الجازم بخلاصتهم هو عمل ناقص.
موضوع المصادر هذا ومدى صدقها وموثوقيتها موضوع تستعمله الدول لغرض تثبيت فكرة ما عند الرعية، فالقدوات (جمع قدوة) تكون لهم شعبية ومصداقية فيستخدمون لتثبيت الأفكار التي تريد الدولة غرسها في عقول الرعية عن طريق البروباغندا (وسيلة لتمويه الحقيقة بالدعاية لخبر معين بجزئية معينة إما لتلميعه أو قدحه بإبراز جزئية التلميع أو القدح فقط)، القدوات بالنسبة للصغار هم أساتذتهم، فإذا يلاحظ الأب أو الأم فإن أطفالهم يؤمنون بأي قول يخبرهم به أستاذهم ويبنون عليه أفكارهم، حتى لو كانت الفكرة خاطئة، وتصحيح الأفكار الخاطئة المأخوذة من طرف الأساتذة صعبة للغاية لأن الطفل لا يعتقد بإمكانية إخطاء قدوته (أستاذه)، وهذا بالنسبة لأي قدوة فحتى الكبار إذا تم برمجة معلومة ما في عقولهم فيستحيل إزالتها إلا إن أزالها مبرمجها، وفي الختام أؤكد أن المصادر الموثوقة نأخذ بها ونعمل بها ما لم يثبت ما ينقضها ولكن لا نؤمن بها كليا لأن أصحابها بشر.
أتحدث عن المعلومات والمعطيات وليس الأبحاث العلمية الدقيقة والثابتة.

Arabe
Partager sur :