Partager sur :

نداء إلى السيد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج

للكاتب محمد اصريدي مقيم بالديار الفرنسية

هو ناصر بوريطة: اسم على مسمى، فهو الإسم الذي استمد حروفه من كلمة نصر ، وهي كلمة توحي بالشجاعة، وللرجل شجاعة الأسود لهذا حق لنا أن نفتخر بأسد الدبلوماسية المغربية ، الذي يعد واحدا من أنجح وزراء الخارجية الذين تولوا هذه الحقيبة ذات الثقل الدبلوماسي خصوصا إذا ما استحضرنا ملف الصحراء المغربية وما يستدعيه من مجهودات جبارة وحثيثة على مستوى العلاقات الدولية وما تتميز به هذه العلاقات من تشابكات وتضارب على مستوى المصالح والأهداف... 
إنه من مواليد سنة 1969 بمدينة تاونات الجبلية لهذا نجد في الرجل شموخ الجبال التي لا تأبى لحركة  العواصف.. فالرجل درس بالرباط وتدرج في مسيرته الجامعية هناك لينتقل بعد هذه المسيرة الموفقة إلى مسيرة مهنية حافلة بالتنوع في مختلف الإدارات والأقسام الدبلوماسية منها ما هو داخلي وما هو خارجي إلى أن عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وزيرا للشؤون الخارجية..سنة 2017 بعدما قضى حوالي خمس سنوات كاتبا عاما بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وحوالي سنة كوزير منتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ، ولعل هذا التدرج في الأسلاك الدبلوماسية والغوص في أقسامها والنهل من محيطه المهني إضافة إلى نشأته ذات الأصول الجبلية هو ما ساهم بقوة في شخصية الرجل العصامية. 
واليوم ها هو ناصر بوريطة ينتصر للديبلوماسية المغربية عبر خارطة طريق ملكية لا أحد يشكك في صواب سهامها...فالرجل يقود سفينة الدبلوماسية المغربية بحنكة واقتدار بل وبشجاعة الأسود التي تزلزل أقدام الأعداء وتربك حساباتهم وتطفئ جدوة مكرهم كلما اجتهدوا للنيل من وحدة المملكة الشريفة مستعملا في ذلك خبرته وذكاءه ومقصه الذهبي الذي قلم به أظافر عجزة دعاة الإنفصال بالمغرب. 
ولعل ما يميز الرجل أيضا هدوءه في تناول القضايا والملفات التي تطرح أمامه تماما كهدوء جبال تاونات أمام عواصف فصل الشتاء وهو بذلك يزين أكاليل هدوئه بابتسامته التي لا تفارق محياه وإن اشتدت العواصف من حوله وهذه سمة لايتقنها إلا الرجال الذين تتوفر فيهم خصال الأبطال وصلابة الجبال والوطنية الصادقة...
لكن السؤال العريض الذي يطرح نفسه أمامنا كجالية مغربية مقيمة بالخارج تعاني من مشاكل جمة واختلالات نتظيمية ولوجيستية وبيروقراطية هو ماذا قدمت لنا وزارة وزيرنا المحترم أي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج وكذا الوزارة المنبثقة عنها أي وزارة الجالية المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة وزد على ذلك مجلس الجالية المغربية بالخارج وإن كان ذو صفة استشارية إضافة إلى كل المعنيين الذين تقع مسؤولية أوضاع المغاربة المقيمين بالخارج على عاتقهم ....
فالجالية المغربية بمختلف شرائحها ومشاربها وتقاليدها من طنجة إلى الكويرة تكاد تكون منتشرة عبر جميع بقاع العالم، وهي كلها تجمع بلا ريب على مقدسات البلاد ورموزها وبنفس الإجماع تشكو في كل سنة من نفس المشاكل والإختلالات وتكرر نفس المطالب والملتمسات وهي مطالب مشروعة وذات أبعاد في مايخص علاقة هذه الشريحة العريضة من المجتمع بوطنها الأم:
مطالب لوجيستية :
إن تواجد الجالية المغربية بمختلف أنحاء العالم يستدعي حثما من وزيرنا المحترم ناصر بوريطة وهو الذي أبلى البلاء الحسن في كل مايتعلق بالسياسة الخارجية للبلاد أن يأخذ بعين الاعتبار وعلى قدر المساواة والمسؤولية قضايا هذه الجالية التي تعاني كل سنة في صمت بل وتتحمل آهاتها ومعاناتها دون احتجاج أو عزوف عن حب البلاد والإخلاص لها ، والخطاب موجه هاهنا أيضا لوزير الجالية وجميع القائمين على هذه الشريحة المهمة من الشعب....
ولعل أحد هذه الملفات التي تنتظر حلولا عاجلة وتدخلا حقيقيا لا ترقيعيا هو مسألة توفير خطوط النقل الجوية والبحرية على حد سواء ، أسطولا وأثمنة مناسبة خصوصا خلال العطلة الصيفية التي تجتهد فيها شركات النقل في رفع الأثمنة بلا حسيب أو رقيب...
فإذا ما أخدنا على سبيل المثال لا الحصر، الجالية المغربية المقيمة بالديار الأمريكية أو الكندية أو ما جاورهما، فزيارة المغرب لعائلة متكونة من خمسة أشخاص تكلف مبلغا قد يناهز مابين ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف دولار خلال العطلة الصيفية كأداء لتذكرة الطائرة فقط وهذا راجع لغياب المنافسة الذي يتولد عنه المضاربة في الأسعار وإشعال جيوب المهاجرين الذين أمست طائفة منهم تغير وجهة بلدهم الأم  بوجهة محلية ببلد الإقامة أو ببلد مجاور يكون أقل تكلفة وعبءا  على قدرتهم المادية. 
أما الجالية المغربية المقيمة بالديار الأوربية وهي الأكثر عددا إذ يتجاوز عددها الأربعة ملايين والنصف أو ما يزيد حيث تشكل 85% من مجموع مغاربة العالم...فهذه الشريحة العريضة لم تسلم من التهميش والإقصاء وبالتالي المعاناة وسوء التدبير. نعم...إن بمجرد التفكير في هذه الجالية التي تعدت الأربعة ملايين يستدعي التعامل معها ومع كل مغاربة العالم كقيمة معنوية تتعدى كل الكنوز المادية، ذلك أنها خير سفير يسوق لقيم البلاد وحضارتها ورموزها ووحدتها الترابية وما إلى ذلك، هذا بالإضافة إلى الدور البناء الذي تساهم فيه هذه الجالية من الناحية المادية من استثمارات وجلب للعملة الصعبة والمساهمة في الدفع بعجلة التنمية للاقتصاد الوطني بكل عفوية  ووطنية...
والسؤال المطروح بناءا على ذلك..ألا تستحق هذه الجالية المليونية أن توفر لها الدولة أسطولا من الباخرات والطائرات على غرار دول شمال إفريقية أخرى؟ أجل ، فلقد جفت الأقلام وهي تنادي بتحقيق هذا المطلب،حتى لا تبقى هذه الجالية تحت رحمة الشركة الإيطالية  GNV التي أمست تتفنن في أثمنة التذاكر بل وأوصلتها لأرقام خيالية تفوق بكثير القدرة الشرائية للأسر ، وهذا بدوره يطرح إشكالية عميقة أتمنى أن ينتبه لها المسؤولون وعلى رأسهم السيد الوزير المحترم، وهي إذا كان جيلنا الذي نشأ في المغرب وتربى فيه على حبه والتشبت به، مايجعلهم كل عطلة صيفية يضحون بالغالي والنفيس من أجل زيارته وقضاء العطلة به ، فهل أبناؤنا الذين ولدوا وترعرعوا بهذه الديار الأوربية سيتهافتون على المغرب كآبائهم أمام هذا الوضع الكارثي المتمثل في غلاء التذاكر سواء للبواخر أو الطائرات إضافة إلى ضعف البنية التحتية الخاصة بالمهاجرين بالموانئ ، وهنا أذكر انتظار المهاجرين بعد دخولهم الموانئ لساعات طوال تحت درجات الحرارة المرتفعة أو الأمطار الغزيرة على حد سواء خصوصا عند انتهاء عطلتهم وهم في عودتهم لبلدان الإقامة...ألا يمكن تغطية باحات الإنتظار  وتجهيزها بوسائل الراحة والخدمات الضرورية حتى تتمكن الشرطة والجمارك من القيام بدورها على الوجه الأكمل من جهة دون إنهاك المنتظرين تحت رحمة الشمس خصوصا وفيهم الشيوخ والمرضى والأطفال من جهة ثانية. 
 


الجانب البيروقراطي والخدمات القنصلية: سبق وأن تطرقت في إحدى مقالاتي السابقة خلال هاته السنة لهذه الإشكالية التي تؤرق المغاربة ذوو الجنسية المزدوجة المغربية والإيطالية الذين انتقلوا للعيش بفرنسا وغيرها من دول أوربية أخرى : فهذه الفئة لحصولها على شهادة عقد ميلاد أحد أطفالها مطلوب منها أن تتنقل إلى القنصلية المغربية بإيطاليا التي ولد بها الطفل للحصول على هذه الوثيقة السهلة والرجوع بها إلى القنصلية المغربية بفرنسا (بجهة معينة ستراسبورغ مثلا) للإدلاء بها قصد إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف، وما يستدعيه الأمر من أخذ إجازة عمل وما يرتبط بها من أجرة ضائعة وتكاليف مهمة للتنقل وتعب جسدي حيث ضرورة قطع مسافات تتعدى الألف أو الألفي كيلومترا أحيانآ...لهذا فكثير من الآباء تخلوأ على توفير بطاقات التعريف الوطنية وجوازات السفر المغربية لأطفالهم والاكتفاء بالوثائق الأوربية التي لا تكلف أي جهد مادي أو جسدي..      والسؤال الذي يطرح بناءا على هذه المعطيات، ألا يرى المسؤولون على هذه الجالية أن هذه الفئة أي أطفالنا عديموا الوثائق المغربية سيتوقفون على الارتباط بالبلاد بسبب حيف التسيير الإداري في حقهم خصوصا إذا ما استحضرنا حصولهم على جميع الوثائق التي يرغبون فيها من القنصليات الإيطالية هنا بفرنسا بكل سهولة وحسن معاملة دون تنقل للديار الإيطالية حيث ولدوا وترعرعوا ...
خلاصة القول والمطلب: إذا كان الآباء المغاربة المقيمون بالخارج يجتهدون لتربية أبنائهم على الارتباط بالوطن والإخلاص له ، فعلى مسؤولينا وعلى رأسهم الوزير المحترم السيد ناصر بوريطة أن يعينوهم على تحقيق ذلك حتى يسير الجيل القادم على خطى وسكة الآباء في ارتباطهم ببلدهم الأم ويضلون سندا له ماديا ومعنويا... ولتحقيق ذلك  وجب التجاوب مع مطالب هذه الشريحة المهمة من المجتمع وذلك بحل هذه الإشكاليات والمعضلات سواء البيروقراطية التي تطرقنا لها في مناسبتين ،أو اللوجستية المتمثلة في توفير أساطيل النقل الكافية وبأثمنة معقولة تحترم الطاقة الشرائية للمواطنين وكرامتهم، فلا يعقل البثة أن تستقبل الجالية خلال فصل الصيف تحت شعار " مرحبا " بسلاسة عند الدخول للبلاد بينما عند المغادرة تنتظر لساعات طوال تحت أشعة الشمس الحارقة وفي ظروف لا تليق ولا ترقى لحب الجالية لبلدها المغرب.... والصورة التي أختم بها خير دليل على ما أقول لأنها تخدش المشاعر سيما إذا ما استحضرنا أن من بين هؤلاء المنتظرين شيوخا وأطفالا ومرضى بل وحتى أجانب للأسف الشديد...فهل تستقيم هكذا أحوال للجالية المغربية وتساوي "عملية مرحبا " بين ظروف الإستقبال السلسة وظروف العودة القاهرة والمجحفة...؟
وماذا عن بيروقراطية الخدمات القنصلية في عصر التكنولوجيا والإعلاميات؟

        الكاتب : محمد اصريدي

Arabe
Partager sur :