Partager sur :

تيزنيت: تعاونيات تبدع في تحويل الفضة إلى تحف رائعة: مراجعة البكراوي المصطفى

عرفت مدينة تزنيت على مدى عقود من الزمن بفن صياغة الفضة، وهو ما أهلها لنيل لقب “عاصمة الفضة” على صعيد المملكة، وحولها إلى قبلة معروفة لدى الراغبين في اقتناء “النقرة” الجامعة بين الأصالة والجودة والإتقان.

ورغم الصعوبات والتحديات التي ظلت ومازالت تواجه فئة الصاغة الصغار بإقليم تزنيت، فإن الفضل الأول والأخير فيما راكمته المنطقة من نجاحات في المجال يبقى رهينا بأناملها المبدعة، التي تحدت الكثير من الصعوبات بغية الحفاظ على موروث تاريخي عرفت به المنطقة عبر مر الأزمان.

أمينة خربوش واحدة من الأنامل المبدعة بإقليم تزنيت، التي برهنت على حرفية عالية مقرونة بعصامية مكنتها من اقتحام مجال ظل حكرا علىا الرجال، بل استطاعت الصمود والاستمرار رغم التحديات والإكراهات.

وعن تجربتها في قطاع صياغة الفضة، قالت خربوش، التي اختارت تنظيم عملها تحت لواء تعاونية “تيفليوت النقرت” بجماعة المعدر الكبير، إن “صياغة الفضة صنعة ورثتها عن آبائي وأجدادي، الذين زاولوا هذه المهنة منذ سنوات طويلة، قبل أن أجد نفسي ممارسة لها ومتقنة لها، بل تحولت إلى مورد رزق لي ولعائلتي”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لنا أن المرأة القروية كانت منذ زمان مبدعة في عدة مجالات، غير أن الطابع المحافظ الذي يطغى على الحياة بالبوادي جعل فنها ومهارتها رهين منزلها فقط، فيما بقي التسويق مقتصرا على الرجال، مشيرة إلى أن هذا الإكراه تبدد بظهور العمل التعاوني، الذي مكن المرأة من ضمان المكانة التي تستحقها، وتسمح لها بممارسة أنشطتها الحرفية بكل حرية.

وفيما يخص تأسيس تعاونية “تيفليوت النقرت”، قالت خربوش: “جاءت هذه الفكرة بعد مشاركتي في تكوين نظم من طرف الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني بتزنيت لفائدة الحرفيات القرويات، ومنذ ذلك الحين أسست تعاونيتي وانخرطت رفقة بقية المتعاونات في الأنشطة التكوينية التي كان لها أثر إيجابي في كل ما يتعلق بدراسة المشروع والتسيير والتسويق، وكذا فيما يخص المعارض الإقليمية والجهوية والوطنية التي أتيحت لنا المشاركة فيها”.

وأضافت قائلة: “كما نجحت بعد تنظيم عملي في إشهار منتوجاتي بطريقة جيدة، وهي الخطوة التي ساهمت بشكل كبير في الحصول على زبناء من مختلف المدن المغربية، من بينهم تجار مدينة تزنيت، وزبناء آخرين من خارج أرض الوطن، أتعامل معهم عبر البريد، سواء من خلال الأداء أو التوصيل، وأنا اليوم أفكر في بناء مقر في المستوى المطلوب، ليبقى الهدف الأهم هو المساهمة في تأطير وتكوين زميلاتي بالعالم القروي”.

وبالنسبة للإكراهات التي تواجه حرفة صياغة فضة، أوضحت خربوش أنها تتمثل أساسا في الاندثار الذي يهددها، مشيرة إلى أن همها الأساسي هو تكوين عدد كبير من الفتيات في هذا المجال.
من جهة أخرى، أكدت الفاعلة التعاونية ذاتها أن الجانب المتعلق بالدعم من طرف الجهات المسؤولة عن القطاع يبقى هو الآخر تحديا أمام ممارسات هذه المهنة، سيما ما يخص توفير الآلات والمادة الأولية قصد التصدي للمنافسة الخارجية والسلع المقلدة.

وبخصوص طموحاتها المستقبلية، أكدت خربوش، في ختام تصريحها لهسبريس، أنها تأمل في تطوير تعاونيتها وتعزيزها بفروع في جهات المملكة خدمة لزبنائها، الذين تراهن على وفائهم حتى تتمكن من بلوغ كافة أهدافها المسطرة، ومن بينها إرضاؤهم بحلي ومجوهرات فضية أصلية في زمن طغى عليه الاستيراد والتقليد.

من جهته، قال العربي عروب، رئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني بتزنيت، “كبقية التعاونيات بالإقليم، واكبنا “تيفليوت النقرت” منذ تأسيسها، وتابعنا خطواتها بمجموعة من التوجيهات التي كنا نقدمها لها خلال التكوينات والمحطات التواصلية المنظمة من طرف الشبكة لفائدة النسيج التعاوني، وكذا الزيارات الميدانية لمقرها بجماعة المعدر الكبير”.

وتهدف هذه المواكبة، يضيف عروب في تصريح لنا، إلى دعم ومواكبة التعاونية، سواء فيما يخص الشق الإداري وكل ما يتعلق به أو الجانب الخاص بإعداد الملفات والترافع عنها لدى مختلف المؤسسات والوكالات التنموية إلى غاية بلورتها على أرض الواقع، فضلا عن تشجيع المتعاونات والرفع من معنوياتهن.

وبين

 

الخبير التعاوني ذاته أن الطريقة التي تنهجها “تيفليوت النقرت” في تعاملها، سواء مع الشبكة أو باقي المؤسسات، وأيضا الزبناء ومختلف الفاعلين في القطاع، تبقى جد نموذجية ومثالا يحتذى به في الأوساط التعاونية بالإقليم. ولهذا السبب، يقول عروب، تستحق كل الدعم والتحفيز، خصوصا أنها الوحيدة التي تنشط في مجال صياغة الفضة بالإقليم، وتضم خيرة الصانعات المبدعات.

وختم قائلا: “من أجل ذلك نعتكف مؤخرا كشبكة رفقة التعاونية على إنجاز مشروع مقر ملائم بمواصفات جيدة وحلة تقنية تحترم الشروط المعمول بها ضمانا لظروف عملية مريحة من شأنها إنتاج سلع ذات جودة عالية من جهة، وإبراز القدرات النسائية في مجال صياغة الفضة من جهة ثانية”

Langue
Arabe
Région
Souss - Massa
Partager sur :