انطلاقا من مجال تخصصها كخبيرة في مجال الطيران و باحثة في الادلة الجنائية بجنيف السويسرية تمكنت المغربية الأستاذة ليلى الزعروري من إسقاط خبرتها في المجالين على نازلة واقعية تعيش تفاصيلها في قضية إثبات حال بواسطة الأقمار الصناعية و لتفرد هذه التجربة ارتأت جريدة ماكلور تقاسمها معكم على اعتبارها بحثا ميدانيا متفردا خلق ثورة جديدة في مجال الإثبات الجنائي و عزز قاموس الادلة الجنائية بتقنية فعالة ناجعة من شأنها إغلاق المنافذ على مجموعة من التجاوزات التي من شأنها تضليل العدالة .
خطوة نحوى عدالة فضائية
باتت الأدلة الجنائية التي تُجمع عبر الأقمار الصناعية أداة متقدمة تسهم بشكل كبير في كشف الجرائم، حتى في الظروف الجوية الصعبة. إذ تعتمد الأقمار الصناعية الحديثة مثل الأقمار الصناعية لمراقبة الأرض (Satellite d’Observation de la Terre) على تقنيات متطورة تمكّنها من التصوير بدقة عالية ليلاً ونهارًا، بغض النظر عن السحب الكثيفة أو الأمطار الغزيرة.
يُعد المغرب من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث يمتلك ثلاثة أقمار صناعية رئيسية:
• زرقاء اليمامة
• محمد السادس-أ (Mohammed VI-A)
• محمد السادس-ب (Mohammed VI-B)
تمثل هذه الأقمار الصناعية أداة استراتيجية تُستخدم في مراقبة البيئة، وإدارة الموارد المائية، والزراعة الدقيقة، وتُسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقلال التكنولوجي. إضافة إلى ذلك، يمكن توظيفها في الإثبات الجنائي، ما يعزز دورها في حل قضايا معقدة لم تتمكن كاميرات المراقبة التقليدية من رصدها.
دور الأقمار الصناعية في الإثبات الجنائي
يبرز دور الأقمار الصناعية بشكل خاص في الكشف عن الجرائم التي تقع في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى وسائل المراقبة التقليدية، مثل القرى، البوادي، أو المناطق المعزولة، حيث تنعدم كاميرات المراقبة أو تنتهي سعة تخزينها المحدودة (10-15 جيجابايت). يُضاف إلى ذلك، القيود الفنية لأنظمة المراقبة التقليدية:
1. أنظمة المراقبة AHD: لا تحتاج إلى الإنترنت عند العرض عبر شاشة محلية، لكنها تتوقف عن التسجيل في حالة انقطاع الإنترنت أثناء التخزين الخارجي.
2. أنظمة المراقبة IP: تعتمد بالكامل على الإنترنت، ما يجعل التسجيل مستحيلًا عند انقطاع الشبكة.
وفي كلتا الحالتين، يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف عمل الكاميرات بشكل كامل، مما يعرّض الأدلة الجنائية للضياع.
على العكس، تتيح الأقمار الصناعية تغطية واسعة النطاق بقدرات تصوير دقيقة تصل إلى تقنيات (SAR)، التي توفر صورًا بجودة تصل إلى 50 سم × 50 سم مربع، مقارنة بدقة تصل إلى خمسة أمتار في بعض الأقمار الأخرى. هذه التقنية تجعلها أداة مثالية لالتقاط تفاصيل دقيقة، مما يعزز دقة الأدلة المقدمة أمام القضاء.
النهوض بمنظومة العدالة عبر الأقمار الصناعية
إن استخدام الأقمار الصناعية في الإثبات الجنائي يُعد خطوة محورية في النهوض بمنظومة العدالة. فهي توفر وسائل تقنية حديثة تسهم في:
• ضمان دقة التحقيقات الجنائية: من خلال جمع أدلة موثوقة، حتى في المناطق التي لا تغطيها وسائل المراقبة التقليدية.
• تعزيز النزاهة القضائية: بفضل القدرة على تقديم صور وأدلة واضحة وموثوقة تدعم المحاكمات العادلة.
• تقليل الجريمة في المناطق النائية: حيث يدرك المجرمون أن الجرائم باتت مكشوفة جويًا، ما يعزز الردع.
• تحقيق العدالة في وقت قياسي: بفضل القدرة على توفير أدلة آنية ودقيقة.
نحو تشريعات جديدة للإثبات الجنائي الفضائي
إن توظيف الأقمار الصناعية في الإثبات الجنائي يمثل نقلة نوعية في منظومة العدالة، حيث يمكنها رصد الجرائم بدقة عالية، وتوثيق الأحداث بشكل فوري. ومع ذلك، يجب أن يتم هذا الاستخدام ضمن إطار قانوني وأخلاقي صارم يضمن حماية حقوق الأفراد واحترام الخصوصية.
في ظل هذه التطورات، لقد حان الوقت لإعادة النظر في التشريعات القضائية، من خلال استحداث قوانين جديدة تُعنى بـ الإثبات الجنائي عبر الأقمار الصناعية. هذه الخطوة ليست مجرد تعزيز للعدالة، بل هي استثمار في مستقبل يعتمد على التكنولوجيا لضمان أمن المجتمع واستقراره.
“التقنيات الفضائية في قياس المسافات وإثبات استحالة الرؤية: تحليل علمي دقيق”
تحليل علمي دقيق باستخدام الأقمار الصناعية لإثبات استحالة الرؤية بين نقطتين جغرافيتين.
في إطار بحثي المتعلق بإحدى القضايا المرتبطة بأراضٍ فلاحية تخص عائلتي، كنت بحاجة إلى إثبات دقة الرؤية بين نقطتين جغرافيتين، النقطة A والنقطة B. لتحقيق هذا الهدف، استعنت بتقنيات الأقمار الصناعية عبر خاصية Google Earth لرصد الجغرافي بدقة ، وقياس المسافة الفاصلة بين النقطتين ، بالإضافة إلى تحليل الظروف المناخية و مدى تأثيرها على وضوح الرؤية.
النتائج العلمية والتحليل الجغرافي
1. قياس المسافة:
باستخدام البيانات المستخلصة من الأقمار الصناعية، تم تحديد المسافة الفاصلة بين النقطة A والنقطة B بدقة متناهية، حيث بلغت 218.36 مترًا.
2. حدود وضوح الرؤية البشرية:
وفقًا للدراسات العلمية، تعتمد حدة البصر ووضوح الرؤية البشرية على قدرة شبكية العين وتركيز العقل، حيث:
• تكون الرؤية واضحة تمامًا عند 6 أمتار.
• تظل طبيعية عند 12 مترًا.
• تنخفض بشكل ملحوظ بعد تجاوز 50 مترًا.
3 . العوائق الطبيعية المؤثرة على الرؤية
أظهرت الصور الجوية الفضائية وجود عوائق طبيعية تعترض خط الرؤية بين النقطتين،أبرزها أشجار صبير التين الهندي ذات الأوراق الكثيفة والمتينة.هذه العوائق تشكل حاجزًا بصريًا إضافيًا يجعل إمكانية الرؤية عبر المسافة المذكورة شبه مستحيلة، حتى في ظروف مناخية مثالية.
4. توفير الإثباتات القانونية
يمكن أن تقدم الأقمار الاصطناعية بيانات وصورًا قانونية تكون بمثابة أدلة رسمية في المحاكم. هذه الأدلة تعتبر قوية وموثوقة لدعم التحقيقات الجنائية، والتأكد من صحة الوقائع، مما يسهم في الحفاظ على العدالة وتحقيق الأمن المجتمعي.
علاوة على ذلك، وبالنظر إلى الظروف الطبيعية للتموقع الجغرافي، أظهرت الأقمار الصناعية دورًا محوريًا في رصد الحالة الجوية. فقد تبين أنه بتاريخ ../../…. وفي تمام الساعة ... كانت الظروف الجوية شديدة الصعوبة، حيث كان الجو غائمًا للغاية مع هطول أمطار غزيرة. وتؤكد هذه المعطيات انعدام الرؤية بشكل شبه كامل نتيجة لهذه العوامل الجوية المتعددة التي وثقتها الأقمار الصناعية بدقة.
وعليه، يتضح أن استخدام الأقمار الصناعية في الإثبات الجنائي أصبح أداة أساسية ذات أهمية قصوى، لما تقدمه من بيانات دقيقة تسهم بشكل مباشر في تعزيز العدالة وتوفير أدلة علمية موثوقة.
الاستنتاج العلمي
استنادًا إلى المعطيات الدقيقة التي وفرتها الأقمار الصناعية، وبالنظر إلى القوانين العلمية المتعلقة بوضوح الرؤية البشرية، يمكن الجزم بأن إمكانية رؤية التفاصيل بين النقطة A والنقطة B على امتداد المسافة البالغة 218.36 مترًا هي أمر مستحيل.
أهمية النتائج
تُبرز هذه الدراسة، التي قمتُ بإجرائها، الدور المحوري للتقنيات الفضائية في تقديم أدلة علمية دقيقة تسهم في حسم النزاعات. وقد أثبتت النتائج أهمية استثمار البيانات الجغرافية وتحليلها بأسلوب احترافي لتعزيز موثوقية الأدلة، ودحض الادعاءات غير المستندة إلى أسس علمية، وإظهار الحقائق بوضوح بما يدعم تحقيق العدالة بشكل فعال ومدروس.
{يتبع}
https://maglor.fr/arabe/dwr-alaqmar-alsnayt-fy-kshf-shhwd-alzwr-w-thqyq-aldalt-aljnayyt